الحرب على غزة.. هل تدار من حاملة الطائرات؟
بقلم: د. سمير الددا
برهنت الولايات المتحدة مرة جديدة أنها غير مؤهلة لقيادة العالم, فبدلاً ان تكون الضامنة الاولى لصيانة السلم والامن الدوليين وتعمل على حل النزاعات سلمياً بحكم موقعها كقطب عالمي وحيد, ها هي تقوم بعكس ذلك تماماً وتعمل بكل جهدها على تأجيج الصراعات وتغذيتها وتصطف الى جانب طرف ضد اخر وتمده بالمال والسلاح والتاييد السياسي والدبلوماسي مما يطيل أمد الصراعات ويزيد من حدتها, وامعاناً في هذا الغي والطغيان لا يتردد ابرز مسؤوليها في التصريح والتلميح بأن الحرب الغربية الصهيونية الحالية على قطاع غزة هي حرب دينية (اي ضد الاسلام وليس الفلسطينيين فقط), وهذا ما صرح به علناً احد ابزر اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي السيناتور ليندسي غراهام قائلاً "إنها حرب دينية", وهذا ما لمح اليه ايضاً وزير الخارجية الامريكي اثناء زيارته الاخيرة الى تل ابيب بحضور عدد من المسؤولين الصهاينة من بينهم نتنياهو بقوله "اليوم انا هنا بصفتي يهودياً وليس كوزير خارجية "....!
الولايات المتحدة كقطب عالمي وحيد يجب عليها ان تحافظ على القانون الدولي وتحترمه وتدعو الى احترامه وتطبيقه والالتزام به من قبل الجميع وعليها فرض تنفيذ القرارات الصادرة عن المنظمات والهيئات الدولية كأحد واجباتها كقوى عظمى, لكن للاسف ها هي تفشل (او تتواطأ) في القيام بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية, بل تجند كل مقدراتها بما في ذلك ارسال حاملات طائراتها وبوارجها طراداتها ومقدرات حلفائها في الغرب لدعم الطرف الذي يرفض تنفيذ اي من هذه القرارات ويضرب بها عرض الحائط, بل يقوم بانتهاك القانون الدولي ليل نهار وعلى رؤوس الاشهاد, وذلك بدلاً من معاقبته حسب ما يقتضيه المنطق.
بريطانيا رأس الافعى ونبع الشر في معظم اركان الكرة الارضية والتي سيطرت على فلسطين بدايات القرن الماضي وسلمتها للصهاينة بعد ان سلحتهم ودربتهم على قتل الفلسطينيين العزل, ها هي تمعن هي الخرى في جرائمها ضد ضحيتها الشعب الفلسطيني المظلوم, ترسل طائراتها المقاتلة واساطيلها الحربية لدعمهم ومساعدتهم في ابادة ما تبقى من الشعب الفلسطيني, وكذلك فرنسا وايطاليا وحتى المانيا التي ابادت الكثير من اليهود حرقاً في أفران الغاز الالمانية في العهد النازي, مما دفعهم الى الهروب من اوروبا الى فلسطين, وبدلاً من ان يقوم الصهاينة بالانتقام من ورثة هتلر أو تدفيعهم ثمن جريمتهم التاريخية واقتطاع جزء من ارض النازيين لإيوائهم واقامة وطن لهم هناك, اكتفوا على ما يبدو بالاموال الالمانية كرشوات او ديات او سمها ما شئت, وقاموا بصب جام غضبهم على الشعب الفلسطيني المظلوم الذي لا ناقة له ولا جمل في ما حل باليهود, وجندوا كل امكانياتهم لسحقه والتنكيل به وسرقة اراضيه وكأن هتلر من يافا او غزة او حيفا او القدس.....!!!!.
كيفية تعاطي المسؤلين الامريكيين مع الازمة تكشف بوضوح تام لا لبس فيه انهم ليسوا شركاء للكيان الصهيوني في الحرب على اهل غزة فحسب, بل هم رأس الحربة, رئيسهم يتبنى اكاذيب نتنياهو المعروف انه يكذب كما يتنفس كما قال اكثر من مرة رؤساء دول تقف تاريخياً الى صف الصهاينة (الرئيسان الامريكيان السابقان بل كلينتون وباراك اوباما والرئيس الفرنسي الاسبق نيقولاي ساركوزي ورئيسا الوزراء البريطاني السابقان ديفيد كاميرون وتوني بلير), بهدف شيطنة اهل قطاع غزة لتبرير المجازر الفظيعة التي يرتكبها هؤلاء المجرمون القتلة بحقهم, رغم شهادات نساء صهيونيات بأن المقاومين قاموا بمعاملتهن معاملة طيبة وبانسانية واخلوا سبيلهن واطفالهن, ثم يتراجع رئيس اقوى دولة في العالم عن تصريحات كاذبة رددها خلف نتنياهو واعلامه بعد ان ثبت زيفها, ولكن ما الفائدة بعدما تغطى الصهاينة بها لقتل الالاف من الاطفال والنساء والشيوخ الابرياء في كل انحاء قطاع غزة المحاصر منذ اكثر من 16 عاماً.
هذا ورأى االعالم ان احد كبار اركان ادارة بايدن يذرف الدموع متباكياً امام عدسات الاعلاميين ليدفع للصهاينة بمررات اضافية لاستخدام الاسلحلة المحرمة دولياً لابادة اكثر من 2 مليون انسان في غزة أكثر من نصفهم اطفال حسب تقارير الامم المتحدة, وها هو وزير خارجيته يهرول الى الكيان ليعلن "انه ما دامت الولايات المتحدة موجودة فليس على اسرائيل ان تهتم بالدفاع ضد اي طرف كان" واضاف "اني جاءتكم كيهودي وليس كوزير خارجية" كما سبقت الاشارة, واخذ وزير الامريكي على عانقه بكل وقاحة التسويق في الدول العربية للروايات الصهيونية المضللة التي تبرر تدمير بيوت اهالي غزة الابرياء فوق رؤوسهم بدون سابق انذار, ومن ثم أعقبه وزير الدفاع الامريكي بالهرولة الى الكيان الغاصب المحتل ليدخل هو الاخر في مزاد المزاديات ويقول ان "حماس تفوق داعش في الشر" وهي بالحرف نفس الكلمات والالفاظ التي استعملها نتنياهو مساء الخميس اثناء قرائته لما اطلقوا عليه بيان الحرب امام الكنيست.
بل ذهب الامريكان الى ابعد من ذلك بكثير, فقد افادت تقاريرواردة من قطاع غزة عن شهود عيان ان الامريكيين يشاركون فعلاً في عمليات القتل والتدمير, وحسب هذه التقارير فقد أكد هؤلاء الشهود رؤيتهم طائرات حربية امريكية قامت بقصف مناطق في جنوب قطاع غزة ثم اتجهت غرباً باتجاه حاملة الطائرات جيرالد فورد الراسية قبالة الشواطئ الفلسطينية في البحر المتوسط, والتي يتخذها عسكريون امريكيون كمركز قيادة وسيطرة لاداراة الحرب الدائرة اليوم على غزة كما تفيد التقارير المذكورة (وهذا بخلاف الطائرات الصهيونية التي تعود شرقاً نحو الاراضي المحتلة عام 1948 بعد افراغ حمولتها).